تقدّم المنظمات الصحية في كافة أنحاء العالم، تنبيهات صارمة لمكافحة مرض السرطان، لكن يصعب، أحيانا، التمييز بين الصواب والخطأ في ظل غزارة المعطيات وكثرة الإحصاءات غير الدقيقة والمفهومة. مع ذلك، يظل تبني بعض الوسائل السهلة، إضافة إلى شئ من العزيمة والثبات، كفيلا بإنقاذ حياة العديد من الأشخاص.
رغم التطورات الملحوظة في المجال الطبي، والتي مكنت من تقديم علاجات متنوعة وفعالة لمكافحة مرض السرطان، إلا أنه ما يزال واحدا من أشد الأمراض فتكا في العالم. لذا، تأخذه السلطات العليا والجهات المختصة على محمل الجد، حيث تنخرط في العديد من الحملات الواسعة للتوعية والتحسيس. فمن منا لا يعرف بالشريط الوردي الذي يرمز لمكافحة سرطان الثدي؟ لقد أثمرت هذه الجهود وغدا الوعي بمخاطر السرطان وطرق مقاومته واقعا حقيقيا، تزداد المعرفة به تدريجيا.
لكن تظل الوقاية من هذا المرض رهينة باستيعاب توصيات منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة ووسائل الاعلام، إذ من المحتمل تفادي العديد من حالات الإصابة به في حال قام كل واحد منا بتطبيق المعلومات المقدمة في هذا الصدد.
التبغ عامل أساسي خطير
يحتل التبغ المرتبة الأولى في لائحة العوامل المسببة للسرطان. فهو المسؤول عما يقارب 20% من الحالات التي تم جردها، حيث يصرح الاختصاصي في أمراض السرطان والعلاج بالإشعاع في مستشفى الأورام بمدينة طنجة، الدكتور حسام حداد أن “التبغ هو المسبب الرئيسي لسرطان الرئة ولأنواع أخرى من السرطانات، خاصة سرطان الأنف والأذن والحنجرة”. لذلك، يجب على المدخنين أن يعوا بخطورة التدخين وأن يفعلوا ما بوسعهم للإقلاع عن هذه العادة السيئة.
لذا فهناك عوامل خارجية خطيرة تهدد صحتنا، تتعلق أساسا بأسلوب حياتنا، فالعديد من الحالات المرضية الجديدة كان سببها استهلاك الكحول أوالسمنة أو التعرض للأشعة فوق البنفسجية. وخلاصة القول أن الحد من آثار هذه العادات السيئة والضارة عائد لنا ولقدرتنا على التغيير.
أفعال بسيطة من شأنها إنقاذ حياة الكثيرين
أولا، يجب تجنب القيام بالأعمال التي تتطلب الجلوس لساعات طويلة والتي تحفز على تناول الطعام بين الوجبات ما يؤدي إلى الزيادة في الوزن أو السمنة. يقول الدكتور حداد أن ” الدهون تتحول إلى هرمونات تهاجم الخلايا وتعمل على تضاعف عددها”. وإذا كان ضرر بعض الأطعمة يثير الجدل، فقد أشارت الدراسات العلمية إلى أن اتباع نظام غذائي غني بالدهون الحيوانية ويفتقر للألياف النباتية قد يسبب سرطان القولون، مثلا.
يضيف أيضا أن “هذا لا يعني أنه يجب الامتناع عن استهلاك اللحوم الحمراء، لكن بشرط ألا تزيد عن 300 غرام في الأسبوع، كما يمكن تناول بدائل أخرى كالسمك، والدواجن، والبيض. والأهم من كل ذلك، أن يظل الأكل مصدرا للسعادة. فلا داعي إذن للحرمان الذي لا يجدي نفعا”. شكرا لك أيها الطبيب. سيكون من الجيد أيضا التحقق من الوزن من حين إلى آخر لتفادي السمنة.
متعة وإفادة في آن واحد
من المعروف أن الرياضة تساهم بشكل كبير في الوقاية من جميع أنواع الأمراض، ومن بينها السرطان. لكن، هل يعني هذا أنني سأضطر للاستيقاظ باكرا للقيام بالتمارين الرياضية؟
قطعا لا! إن التوعية بأهمية ممارسة الرياضة لا تعني الدعوة إلى المشاركة في الماراثون، بل هي أسهل بكثير. إذ يكفي جدا ممارسة المشي لمدة 30 دقيقة في اليوم، سواء كانت متواصلة، أو عبارة عن حصص متفرقة من 10 دقائق. ينبغي الإشارة هنا إلى أن الانتظام والمواكبة على ممارسة النشاط البدني أمر غاية في الأهمية.
يوصي الدكتور حداد: “إذا كنت من مستخدمي وسائل النقل العمومي على سبيل المثال، فمن المستحسن النزول محطة واحدة قبل محطتك المعتادة، أما إذا كانت على متن سيارتك الخاصة، فاركنها بعيدة عن مقر عملك، واكمل طريقك مشيا. وعند حلول فصل الربيع، من المستحسن أيضا الذهاب مع الأصدقاء في نزهة على الأقدام أو الخروج مع العائلة لركوب الدراجات الهوائية…
وباختصار، القيام بأنشطة تمكن من الاستفادة والمتعة في الوقت نفسه. لكن، رغم أن الشمس تساعدنا على توفير ما يناهز 95% من حاجياتنا من الفيتامين (د) إلا أنا أشعتها قد تكون ضارة بصحتنا. لذا، يجب الحرص على استخدام كريمات واقية فعالة، خاصة بين الساعة الحادية عشرة صباحا والرابعة زوالا.
تساهم هذه التصرفات، إضافة إلى التقدم العلمي، في تأخير انتشار هذا المرض اللعين بشكل ملحوظ. في هذه الأثناء، لا تنسوا أن تتلذوا بطعامكم وأن تمرحوا… باختصار، استمتعوا بلذة الحياة!