انتهى زمن الطفل “الحاكم”، انتهى زمن التراخي. على عكس التربية التقليدية الصارمة، بدأ بعض الآباء بالحديث عن سلطة جديدة، تقوم على الموازنة بين الحوار، الإنصات، احترام تميز الطفل إضافة إلى إرساء بعض الحدود التي ستفيده خلال نموه.
سلطة جديدة لتصحيح أخطاء الماضي
بعد عام 2010، ظهر وعي عام بأن الأطفال يحتاجون إلى بعض الحدود حتى ينموا بشكل منسجم ويصيروا أشخاصا ناضجين. فالأطفال أشخاص مستقلون يجب احترامهم ولهم حقوق، غير أن لهم واجبات أيضا… أن يطيعوا الأشخاص القائمين على تربيتهم. ما بين 1990 و2000، بدأ المختصون في التربية يحذرون الوالدين من التراخي ومن عدم وضع أي حدود للطفل. نعلم اليوم أن الآباء الذين لا يتعاملون بالقليل من الصرامة مع أبنائهم، هم في الحقيقة يؤثرون سلبا على نموهم. لذلك عليهم أن يقولوا “لا” أحيانا، أن يتحملوا ردود فعل صغارهم بعد رفض طلب ما، وأن يضعوا قواعد واضحة لا يضطرون لتبريرها كل مرة.
السلطة: حدود بناءة
يعاتب أغلب الآباء صغارهم بعد خرقهم لقاعدة ما، لكن سيكون من الأفضل أن تكون القاعدة من الأمور البديهية بحيث لا يحاول الطفل خرقها. ما هو السر وراء هذه السلطة الطبيعية التي يبحث عنها جميع الآباء؟ يجب أن نتقبل أن الشخص البالغ يعرف الكثير من الأمور عن الحياة مقارنة بالطفل، وأنه هو من يعلمه ويربيه ويضع له قواعد وحدودا. على الآباء أن يحاولوا توجيه صغارهم خلال حياتهم. تحبون الرسم؟ خذوا صغيركم إلى المتحف لتشاركوا معه شغفكم. تحبون الموسيقى الكلاسيكية؟ ضعوا له مقاطعكم المفضلة ليستمع إليها. تحبون كرة القدم؟ العبوا معه. فعلى عكس ما يقال، لن يؤثر ذلك على شخصية طفلكم أو أذواقه. فهو حر بعد ذلك أن يستمر في تلك الأنشطة أو يهتم بغيرها.
يجب أن يعلم صغيركم أنه لا يستطيع الحصول على كل ما يريد أو يفعل كل ما يريد. كما يجب أن يتعلم الاشتغال يوميا للحصول على نتيجة معينة. فللعزف على البيانو مثلا، سيكون عليه أن يمارس العزف كل يوم، وللحصول على نتيجة جيدة في المدرسة، عليه أن يدرس بجد!
لا تنتظروا من الطفل أن يغير نفسه. لن يقرض ألعابه لطفل آخر بمحض إرادته، لن يشكركم بعد أن تمنعوه من الاستعمال المفرط للشاشات… من السهل أن تحبوا، تعانقوا وتلعبوا، لكن قد يبدو صعبا أن ترفضوا طلبا لصغيركم وتفرضوا عليه قواعد معينة. لا يجب أن تكون ردود أفعالكم ناتجة عن الشعور بالغضب، بل عن رغبة في توجيه الطفل للقيام بما ترونه جيدا له. احرصوا أيضا على الإنصات وتبني الحوار. مهمتكم هي أن تحققوا التوازن بين تميز الطفل وواقع الحياة.