هل نستمع إلى ما نقول؟ قد يبدو هذا السؤال تافها، بل حتى غبيا. غير أنه إذا فكرنا مليا في الأمر، نجد أننا في الكثير من الأحيان لا نكون على وعي بمحتوى كلامنا. يكفي أن نعير القليل من الانتباه لكلمات من قبيل “إلى اللقاء”، “أراك قريبا”، “حظا موفقا”، “اعتن بنفسك”، “أتمنى أن يمر كل شيء على ما يرام”… كثيرة هي العبارات المشابهة التي تكشف عن طريقة تفكيرنا. فمثلا “إلى اللقاء” أو “أراك قريبا”، هي عبارات تعبر عن الرغبة في لقاء جديد، في رابط يستمر في الزمن. كما قد تضيفون كلمات أخرى إلى العبارة كأن تقولوا “أتمنى أن أراك قريبا”؛ هنا تعبرون عن الرغبة في إرساء علاقة دائمة مع الشخص.
لكن عبارة مثل “اعتن بنفسك” لا تحمل في طياتها رغبة في لقاء آخر. بل تعبر عن الاهتمام بالآخر والثقة بقدرته على الاعتناء بنفسه. من الجميل أن نتمنى لبعضنا “حظا سعيدا” و”أن يكون كل شيء بخير”، غير أنه قد يكون هناك نوع من الخوف وراء هذه العبارات. صحيح أن الطريق لا تخلو من المخاطر، فالحياة ليست نهرا هادئا. ولعدم الشعور بالخوف، فإن الكلام الإيجابي يساعد كثيرا. لكن هل نحتاج حقا إلى الحظ لنعيش؟ هل محتوى كل تلك العبارات هو ما نحتاجه فعلا لنمشي طريقنا في الحياة؟
بشكل غير واع، قد تعبر هذه العبارات عن نظرة سلبية ومتشائمة للواقع. لكن لحسن الحظ، فالواقع نسبي. ويختلف استعمال هذه الجمل من بلد لآخر ومن ثقافة لأخرى للتعبير عن رؤية خاصة للعالم، ومن شخص لآخر للتعبير عن رؤية خاصة للوجود. عندما يقول لي أحدهم “حظا سعيدا”، أجيبه أنني أفضل أن يتمنى لي “طاقة جيدة” و”الكثير من الحماس”. لأنني لا أثق في تلك العبارات التي تعني أننا ضحايا للحياة. لنستمع للكلمات التي نقول. هل تعتقدون أن الحياة “يجب” أن تعاش؟ أو أنها تجربة سعيدة، رغم أنها قد لا تكون دائما كما تريدون؟ هنا يكمن السر.
-ثيري جانسن-