لا شك في أن العناق يشعرنا بالتحسن، ولكن ليس فقط لكونه يغمرنا بالدفء والسعادة. فالأحضان تؤثر على كامل جسمنا، لدرجة أن الكثير من العلماء أكدوا أن مفعولها يساوي مفعول مجموعة من المخدرات في نفس الوقت. لنقف عند منافع العناق التي غالبا ما يجهلها الناس.
يقلل العناق الخوف من الموت
نشرت مجلة “علم النفس” الأمريكية إحدى الدراسات عن المخاوف وتقدير الذات، وقد كشفت هذه الأخيرة أن العناق والتواصل الجسدي يقلصان من القلق المرتبط بالموت بشكل كبير. كما كشفت دراسات أخرى أن مجرد معانقة شيء جامد كدمية الدب، يساعد على تهدئة المخاوف الوجودية. ويقول مدير هذه الدراسة، ساندر كول، إن “التواصل بين الأشخاص آلية قوية، إذ يكفي أن يحدث التواصل مع الأشياء التي تحفز حاسة اللمس حتى يشعر الناس بأهمية وجودهم”.
يحفز الأوكسيتوسين
الأوكسيتوسين ناقل عصبي يعمل على النظام الحوفي؛ المركز العاطفي للدماغ، فيشجع مشاعر الارتياح ويحد من القلق والتوتر، كما أنه يجعل الثدييات أحادية الزواج. فنحن موجودون بفضل هذا الهرمون؛ إذ يتم إنتاج هذه المادة الرائعة خلال الولادة ليساعد الأمهات على نسيان الألم الفظيع الذي يقاسينه، ويجعلهن يحببن أطفالهن ويقضين معهم الوقت رغم كل شيء.
وأكدت إحدى الدراسات الحديثة المنجزة في جامعة كاليفورنيا (أمريكا) أن للعناق تأثيرا حضاريا على الإنسان، ما يجعله أكثرا حنوا وقابلية لربط علاقات اجتماعية جديدة. كما لوحظ أنه رفع الرغبة الجنسية وحسن أداء الأشخاص الذين أجريت عليهم الدراسة.
فكلما تعانق الأزواج أكثر، كلما ارتفع مستوى الأوكسيتوسين لديهم؛ ما يخفص ضغط دمهم. وترتبط هذه المادة الكيميائية بالعلاقات الاجتماعية أيضا؛ إذ يقول عالم النفس مات هارتنستاين إن “الأوكسيتوسين عبارة عن ببتيد عصبي يشجع التفاني، الثقة والروابط العاطفية. إنه الأساس البيولوجي لخلق روابط مع أشخاص آخرين”. عندما نتعانق، يتم إفراز الأوكسيتوسين في جسمنا، ما يخفض معدل ضربات القلب ومستوى الكورتيزول، الهرمون المسؤول عن التوتر، ضغط الدم وأمراض القلب.
يخفض معدل ضربات القلب
عندما تعانقون شخصا ما، تحسون بشعور جيد، لكن هذا العناق قد يكون علاجا جيدا أيضا: فخلال تجربة أنجزت في جامعة كارولاينا الشمالية، في مدينة تشابيل هيل، ارتفع معدل ضربات قلب المشاركين الذين لم يكن لديهم أي تواصل جسدي مع شركاء حياتهم بنسبة 10 نبضات في الدقيقة، مقارنة بخمس ضربات لدى من كانوا يعانقون شركاء حياتهم خلال التجربة.
يحفز الدوبامين
كل ما نقوم به يستلزم حماية وتدفق الدوبامين. كما أن الكثير من المخدرات تستوجب ذلك أيضا. وقد تؤدي هذه الحاجة الدائمة إلى هذا الهرمون إلى اكتئاب حاد وإلى أمراض عقلية أوتنكسية كمرض الباركنسون الذي قد ينتج عن مستوى منخفض من الدوبامين، تماما كالميول إلى التأجيل، انعدام الثقة في النفس واختفاء الحماس. غير أن العناق يعدل هذا المستوى بدفع دماغنا إلى إفراز هرمون المتعة الذي يمنح شعورا بالتحفيز والراحة. كشفت فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي والتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني أنكم عندما تعانقون شخصا أو تنصتون إلى موسيقى تثير حماسكم، يفرز دماغكم الدوبامين، بل يكفي توقع هذه اللحظات أو التفكير فيها حتى يتم إفرازه. مناطق استشعار الدوبامين هي المناطق التي تحفزها الكثير من المخدرات، كالكوكايين والميثامفيتامين، كما يرتبط وجود بعض أنواع مستشعرات الدوبامين بالبحث عن الإثارة.
يرفع نسبة السيروتونين
إفراز السيروتونين يجعل الشخص يشعر أنه مهم. لذا، يتولد شعور بالوحدة والاكتئاب عند غيابه، قد يكون هو سبب انضمام بعض الأشخاص إلى عصابات وقيامهم بأعمال إجرامية تسهل إنتاجه. عندما تمدون أذرعكم لمعانقة أحدهم، فأنتم تحررون الأندورفين والسيروتونين في الدم، الأمر الذي يسبب الشعور بالمتعة، يخفي الحزن والألم، يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب، يساعد على محاربة الوزن الزائد ويطيل الحياة في صحة جيدة. كما يكفي أن تداعبوا حيوانكم الأليف لينخفض لديكم مستوى التوتر. العناق للحظة طويلة يجعل مستوى السيروتونين يبلغ أوجه، مما يحسن المزاج ويمنحكم شعورا بالسعادة.
عناق الأطفال ينتج بالغين أقل توترا
هل تريدون تقديم شيء للأجيال القادمة؟ احضنوا الأطفال. أجريت دراسة في جامعة إيموري (أمريكا) على مجموعة من الفئران، وقد أثبتت وجود رابط بين اللمس وتخفيف التوتر، خاصة في المراحل الأولى من الحياة. ينطبق هذا الاكتشاف على الإنسان أيضا، إذ بينت الدراسة أن تطور الأطفال – بما في ذلك كيفية تعاملهم مع التوتر بعد الكبر – يعتمد على مزيج من ما هو فطري وما هو مكتسب.
يعيد التوازن إلى الجهاز العصبي
يحتوي الجلد على شبكة من المستقبلات الحسية الصغيرة على شكل بيضات تسمى جسيمات باشيني، وهي التي تشعر باللمس، كما أنها على اتصال مع الدماغ من خلال العصب المبهم. الاستجابة الجلفانية للجلد عند إعطاء أو تلقي الحضن تحدث تغييرا في موصلية الجلد. هذا التأثير على ترطيب الجلد وكهربائه يعني توازنا جيدا للجهاز العصبي اللاودي.
يحسن الجهاز المناعي
تبين البحوث أن ارتفاع الهرمونات الذي ينتج عن العناق يساهم في تحسين الجهاز المناعي، وهذا لكونها تجعل الشخص في وضع استرخاء؛ إذ تغير تعامل جسمنا مع التوتر البدني والاجتماعي، وتدفع الجهاز المناعي إلى أداء وظيفته.
عندما نعانق، يتم إفراز الأوكسيتوسين في الجسم، ما يخفض معدل ضربات القلب ومستوى الكورتيزول، هرمون المسؤول عن التوتر، ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب.