تعلمون جيدا أن الحب ليس شعورا يعتريكم فجأة. خلال العشرين سنة الماضية، اكتشف الباحثون في علم الأعصاب أن الحب يتكون من 4 مراحل بيولوجية. إليكم تفاصيل أكثر عن كل مرحلة.
- الانجذاب
تعرفون بلا شك ذلك الشعور المتفرد، إذ تشعرون بالحضور التام لشخص آخر ولو كان في جزء بعيد من الغرفة. لم تتحدثوا إليه بعد، لكن جسمكم بدأ يرتخي، قلبكم يستسلم، وأيديكم تتعرق. كلما اقترب منكم تتوسع حدقات أعينكم، لكن نظركم يصير أضيق وفمكم أكثر جفافا.
تسمى هذه التفاعلات العفوية "الكيمياء". تعلمون أنكم التقيتم للتو بشخص مهم. في الواقع، أكدت لي العديد من النساء أنهن دون هذا الشعور لا يخرجن مع أي رجل. لا تمزجوا بين الحب والإعجاب الجنسي. هذه الظواهر التي يعيشها جسمكم تحدث بسبب النورإبينفرين، وهو هرمون يتم إفرازه في حالات الكفاح أو الهرب. مهمته هي لفت انتباهكم لتبحثوا عن معرفة المزيد. المرحلة التالية إذن هي مرحلة التحري.
- الخروج معا/التعارف
أستعمل هذه العبارة كمصطلح عام؛ إنها صياغة بسيطة لعملية معقدة. عندما تبدؤون علاقة ما، يحاول دماغكم أن يحدد إن كنتم إزاء شخص يمكن أن تقعوا في حبه. كما سأفسر ذلك لاحقا، فالوقوع في الحب أمر تحفه المخاطر. خلال هذه المرحلة، يفرز جسمكم هرمونات مختلفة، على رأسها الدوبامين والأوكسيتوسين لدى النساء، والدوبامين، التستوستيرون، والفازوبرسين (الهرمون المانع لإدرار البول) لدى الرجال.
شعور الطرفين بإمكانية نجاح علاقتهما فكرة تحفز إفراز الدوبامين لدى الإثنين. إفراز الأوكسيتوسين لدى المرأة يحدث عندما تبدأ ثقتها بالرجل، تقبله، تعانقه أو تمارس معه الجنس. في حين أن الرجل يعرف إفراز الفازوبرسين بعد أول قبلة أو عناق، أو حتى بمجرد التفكير في ممارسة الجنس. إذا سارت الأمور على خير، تصل هذه الهرمونات إلى المرحلة القصوى، فتشعرون بشعور النصر المتمثل في الحب.
اكتشف باحثون إيطاليون أن الوقوع في الحب، يجعل الهرمونات تفرز بسرعة كبيرة. الكورتيزول وهرمون التوتر ينطلقان، بينما يقل نشاط هرمون السعادة. هذا هو السبب الذي يجعل بعض الأشخاص في حالات مماثلة يجدون صعوبة في الأكل والنوم.
تشعرون بالسعادة، لكن المنطقة التي يفترض أن تبلغكم بالارتفاع الحاد لمستوى التوتر في دماغكم، توقفت عن أداء مهمتها. وقد اكتشف باحثون من لندن أن القشرة أمام الجبهية أيضا تتوقف عن العمل خلال هذه الفترة، رغم كونها الجزء الذي يخول لكم تقييم أنفسكم وتقييم الآخرين. لن تستطيعوا إذن الحكم بموضوعية على هذا الحبيب الجديد.
لكن لا تقلقوا، فهذه المرحلة مؤقتة وسيعود دماغكم إلى طبيعته، وهو ما يجعل البعض يضع حدا للعلاقة وآخرين يستمرون فيها.
- الحب الحقيقي
مرحلة الاستقرار النسبي، إذ نشعر بإثارة عصبية جديدة. إلا أن صور الدماغ تبين أن الحب غالبا ما يأخذ منعطفا دراميا/مأساويا. تعيشون حالة إفراط في نشاط الخلايا العصبية، ما يفسر ارتفاع انقطاع العلاقات بعد أن تتبخر كل تلك الهرمونات المحفزة. إنها لحظة عودة الحكم النقدي.
وبخصوص العلاقات التي تستمر، فلا شك أن لدى طرفيها أمورا مشتركة؛ كالقدرة على الحفاظ على رؤية إيجابية عن بعضهما البعض. وبكلمات أخرى، قد تطغى وضعية النقد من جديد، لكنهما يفضلان التركيز على الأمور الجيدة. يختاران أن يريا الأمور التي يحبانها وليس العكس. ولو أن الدماغ يصير منشغلا أكثر من ذي قبل، فحب قوي الأساس كهذا، يعرف نشاطا عصبيا مركزا على القيم الجميلة، التعاطف، والحب اللامشروط. إنه حب أعظم من وجهة نظر علم الأعصاب؛ فبالإضافة إلى تمركزه في المنطقة الأكثر تطورا في الدماغ، عندما يترسخ تماما، يصير حامله أكثر مشاطرة وتفهما للمشاعر، ويعير انتباها أكثر.