هل اخترتم الطبيب المناسب ؟
غالبا ما يتم نصحكم بزيارة طبيب معين فقط لمهاراته التقنية، خاصة إذا كانت حالتكم الصحية متدهورة. لكن الحقيقة أنه لا يمكن الفصل بين المعرفة والأداء الجيد. فما هي إذا العوامل التي يجب أخذها بعين الاعتبار عند اختيار طبيبكم المعالج ؟ إليكم أهم ما يجب معرفته !
القدرة على الاستماع إليكم
في أحد أكبر المستشفيات بمدينة ماساتشوستس بالولايات المتحدة الأمريكية، وافقت مجموعة من المرضى في المرحلة الأخيرة من إصابتهم بسرطان الرئة على المشاركة في تجربة مميزة. من مجموع 150 مريضا استقبلهم المستشفى، استفاد النصف من الرعاية التلطيفية بالإضافة إلى العلاج التقليدي الذي يتبعونه.
فماذا وكيف غير هذا الأمر النتيجة النهائية ؟ لقد شعر المرضى أنهم “يحيون” مجددا، أن هناك أذنا تصغي إليهم ليسروا لها بأحاسيسهم الأكثر عمقا، بمخاوفهم وشكوكهم. كما أن الأطباء قد اختاروا التطرق لمواضيع تعتبر تابوهات، من خلال أسئلة من قبيل : هل كان لتخفيف الألم الأولوية مقارنة بعيش الأشهر الأخيرة من الحياة ؟ هذه الحصص القليلة التي اعتمدت على العامل الإنساني ساهمت في رفع أمد حياة هؤلاء المرضى، إذ عاشوا 11,6 شهرا في المتوسط مقابل 8,9 أشهر لمن خضعوا للعلاج الاعتيادي فقط !
متعاطف معكم !
يمكن لمتلازمة القولون العصبي أن تفسد حياتكم اليومية… كانت هذه نتيجة إحدى الدراسات التي تمت حول هذا المرض. قبل بعض المرضى بالخضوع لعلاج الوخز بالإبر، لكنهم كانوا يجهلون أنه تم تعمد عدم فعالية هذه الطريقة؛ فالمعالجون كانوا يضعون الإبر بشكل يجعلها لا تعطي أي تأثير على جسم المريض. وبينما تم علاج نصف المرضى من قبل معالج كتوم لا يتواصل مع مرضاه، حصل النصف الثاني على معالج دائم الابتسامة، يطمئنهم ولا يبخل عليهم بعبارات التشجيع والتحفيز. هذا التباين التام بين الطريقتين أدى إلى نتيجتين مختلفتين كليا : فقد صرح %50 من المرضى الذين عولجوا على يد المعالج العطوف بشعورهم بالتحسن بعد العلاج… فما السر ؟ الحقيقة أن التعاطف والاهتمام هما العاملان اللذين خولا الوصول إلى نتائج إيجابية. ما يعني
أن الكفاءة لوحدها غير كافية. فلم
اختيار ممارسة مهنة الطب إذا كان يعتبرها الطبيب أو المعالج نوعا من “الأعمال التجارية” ؟
أمر أخير : إذا بدا لكم طبيبكم كفؤا
لكن تعامله ليس إنسانيا بما يكفي، فابحثوا عن آخر.
يثق بالعلاج
حدث هذا في أمريكا خلال الستينيات. يعرف الدكتور وولف بكفاءته ونزاهته، وكان قد يئس بعد بحثه الطويل عن العلاج المناسب لمريض له يعاني من أزمات ربو متكررة منذ أكثر من 15 سنة. غير أن الأقدار شاءت أن يكتشف هذا الدكتور وجود جزيئة ثورية… فتوجه إلى المختبر لطلب بعض العينات. بعد وصفها لهذا الأخير، لاحظ الطبيب تحسنا سريعا لحالة مريضه، الشيء الذي حيره ودفعه إلى طلب مجموعة أقراص أخرى من المختبر، مع الإشارة هذه المرة إلى رغبته في الحصول على أقراص دواء وهمي (بلاسيبو)، بمظهر مطابقا تماما لأقراص الدواء الأول. فكانت النتيجة مفاجئة : تدهور تام لحالة المريض !
بعد تمكنه من الحصول مرة أخرى على العلاج الفعال، شعر المريض بتحسن كبير، الأمر الذي جعل الدكتور وولف يراسل المختبر لإعلامهم بفعالية العلاج. فكان الجواب الوحيد الذي تلقاه أن كل العلب التي حصل عليها كانت دواء وهميا، نظرا لطلبات الأطباء الكثيرة. الغاية من هذه القصة ؟ لابد من اختيار طبيب يثق بفعالية العلاج الذي يصفه.
يصف كمية معقولة من الدواء
تحت ضغط مختبرات صناعة الأدوية، صار العديد من الأطباء مجرد موزعين للدواء. وكما يعلم الجميع فإن العديد من الأدوية يمكن أن تسبب آثارا جانبية خطيرة إذا استعملت مدة طويلة. ومنها مضادات الالتهاب، مضادات الحموضة، مضادات القلق؛ إلخ. إضافة إلى أن الكثير من المضادات الحيوية تؤدي إلى تضرر النبيت المعوي. فكيف يمكن تقييم مسؤولية الطبيب في كل هذا؟ عليكم الأخذ بعين الاعتبار أنه لا يجب وصف أكثر من 3 أدوية في المرة الواحدة نظرا لعدم توافق الجزيئات أو للآثار الجانبية غير المرغوب فيها. باستثناء الحالات التي تصل إلى درجة “الحياة أو الموت” طبعا.
يهتم بوضعكم العام
يعني هذا أن العلاج الذي يختاره طبيبكم يجب أن يتوازى مع حد أدنى من المعرفة بوضعكم الصحي وسوابقكم الصحية، وكذا مع محاولة اكتشاف أسباب الأعراض التي تعانونها… وليس فقط فهم هذه الأعراض ! عليه أن يحاول مثلا فهم ما حدث في جسمكم ليتطور فيه الفيروس، مهما كان بسيطا. يجب على الكثير من الأطباء الاهتمام بما يسميه المشتغلون في مجال العلاج الطبيعي “السيرة المرضية”، أو أخذ مجموعة من العوامل الأساسية بعين الاعتبار؛ كنمط الحياة الاجتماعية، العائلية، مستوى التوتر؛ إلخ.